يوم ليس ككل الأيام

يوم ليس ككل الأيام

ذات يوم كنت بالمستشفى أباشر عملي ولكن كما قال الشاعر العراقي معروف الرصافي:

لَقِيتُها لَيْتَنِي مَا كُنْتُ أَلْقَاهَا *** تَمْشِي وَقَدْ أَثْقَلَ الإمْلاقُ مَمْشَاهَا

لكن هذه المسكينة لا تمشي
أَثْوَابُهَا رَثَّةٌ والرِّجْلُ حَافِيَةٌ *** وَالدَّمْعُ تَذْرِفُهُ في الخَدِّ عَيْنَاهَا
بل هو مطر يسقط، ينهمر من عينيها، عيناها مغمضتان، وجهها شديد النحول شديد الصفرة، والجسد مسجى، عود جاف في مهب الريح.
حين رأيتها تموت ، عصرني الحزن والألم. بدأ الاستغراب على وجهي ، بلعت الكلمات.أنا التي إستنجد بي زملائي فما أعجزني!
اقتربت منها ربما شدني إليها إحساسي بأنها أختي في الاسلام في بلد غريب وسألتها:
ما بك أختي ؟
وعدت أتحسس مكان الألم، أسكنه، مددت جسدها على السرير.وعندها أخذت عيناها تحفران الفراغ، تثقبان الضباب، عادتا بحنين يائس تتسلقان درجات الأمل ، تركعان عند ملفات الإيمان.
وصاحت بأعلى صوتها :
من يحكم علي بالموت؟
هو فأر يقتل، هو ذبابة تداس هو...هو...
وهي لا تزال تتشنج، تتعرق...تحركت يداها تعصران اللحاف...وقالت لن أموت إنني لن أموت انني نهضت من رقدتي تحسست مقدساتي المتروكة للألم الواخز واليأس المعقد.
وعندها شددت عليها بقوة ضممتها إلى صدري ، وهزني حب جارف لمعرفة سبب تعاستها ورفضها للأكل وتناول الدواء الذي ينقذها من الإجهاض.
واذا بي أشعر بالنور يولد في عينيها من جديد، وبدأت حلقات النور تتسع وتغمر ذاتها، وقالت بذبذبة في صوتها وغصة في قلبها ومرارة في كلامها:
إنكمش الخنزير ، إنكمش ، إنكمش...صار فأرا عقيما يدخل حفرة في الأرض...لن أموت فسأكمل القصيدة ، ويولد الطفل.
فما فهمت من مغزى كلامها شيئا وطلبت منها التوضيح فقالت لي:
لحظة جبن قررت مصيري ، وحطمت حياتي فعلوا المستحيل لكي يزوجوني ـــــ ابن بلدي ــــ خوفا من أن أتزوج غريب...ظننت أني وجدت معه السعادة التي عشت ايامي انتظرها، وعرفت طريق الأمان والأمل بعد يأس وتمن،ووجدت الملاك الوديع الذي سيحميني من الشياطين المتسكعة وما أكثرها .لكنني صحوت يوم لأجد الوهم الجميل قد تبدد والسماء قد اسودت بعد أن صفت حينا وبزغت شمسها.
فقدته...أخذته مني المخدرات ، وزج به في السجن، وعدت وحيدة أسير مع الحياة ولا أفهمها..أنظر إلى الناس ولا أراهم ، سئمت كل شيء أوله الحب وطفله الذي في أحشائي ، أشعر أنني إنتهيت وكل ما حولي عدم بعدم .وكثيرا ما كان وقع المصيبة عند ضعاف الإيمان فوق طاقتهم فيحملهم على الإنتحار واكتساب إثمه العظيم . لكن أختي لقد مسكت بيدي وتشبثت بك وأحسست بشعور غريب كمن ينتشلني من الغرق ولهذا أعدك إنني سأتبع نصحك وسأكمل الطريق.
وهذه قصتي الواقعية مع اختي في الإسلام، ومن يومها ما إفترقنا والحمدا لله الذي هداها وجعلها من التائبات.

منقول

شكرا لك اخي الفاضل على مواضيعك الرائعة وجهدك المتميز

شكرا اخوي الغالي على مواضيعك الطيبة لا تحرمنا جديدك

مشكور اخي الفاضل على مواضيعك الرائعة لا عدمنا جديدك
دمت بخير