عاشقة الزهور
ترعرعت في حضن الطبيعة فنشأت في جو ممتلئ بالبهجة ،حياة هادئة اعطت لها حب التأمل للطبيعة الساحرة فعشقت من خلالها لغة الزهور و اتقنت همسها الساحر ..
استوطن هذا العشق دواخرهاواخذ ينمو معها الى ان صارت صبية حلوة الانفاس يملؤها عبير الزهور.
كانت تستوقفها محلات بيع الزهور كل يوم فتذوب في ألوانها الزاهية ، لم تكن روحها تعتنق الحرية إلاّ بينها ؟؟؟
تداعبها بأناملها و تحضنها برفق
كانت تهمس هاته و تسمع تلك حوار أرواح عذبة و قلوب رقيقة ..
كانت صديقتها الوحيدة تعلم بهذا العشق و تحب أن تفاجئها كل يوم ميلادها بأجمل باقة ورود و زهور وأعتادت ذلك
ولكن... هذه السنة كانت تشعر بالحزن
لأنها تعلم أن رفيقة دربها في مهمة خارج البلاد مع زوجها و ستغيب ،
كلما اقترب يوم ميلادها تجددت بداخلها الذكريات .. من سيمنحها هذا اليوم الباقة المنتظرة ,,؟
فكانت على يقين انها ستكون سنة مختلفة و جافة بدون صديقتها....
مرت الايام واقترب موعد الميلاد..تقلبت بداخلها ذكرياتها مع صديقتها في كل مرة تمر امام محلات الزهور
فماعاد أنيس لها ولا من يواسيها في وحدتها غير تلك الزهور اليانعة
وفي يوم استيقظت على صوت (دقة) على باب شرفتها ،وكأن شيئاً ما قُذف عليها
فأسرعت اتجاهه لتتفقد ما حدث !
واذا بها تجد شيئاً غريباً !
وردة (بيضاء )على حافة شرفتها....
تعجبت لهذا الامر !!!
فأمسكت بها .. كانت تفوح منها رائحة نفاذة و رائعة
فألتفتت يميناً ويساراً علها تجد من رمى إليها بهذه الزهرة الجميلة ، ولكن للأسف لم تجد احداً
وعلامات استفهام قد تعددت بداخلها وحيرة لهذا الامر!!!
الى ان جاء اليوم التالي وتكرر نفس الحدث
لكنه في هذه المرة كانت الزهرة بلون مختلف ( حمراء.). رائعة ..
يفوح منها نفس العطر فتعجبت اكثر ،وقررت ان تنصب له الشباك لكي توقع به وتكشف أمره
فوقفت خلف شرفتها في انتظار قدوم هذا المجهول
حتى لمحت خيال قادم من بعيد ..
كان لشخصٍ لم تستطع تحديد ملامحه حتى اقترب من شرفتها
ففاجأته وفتحت الشرفة
لتواجهه وتسأله عن سبب فعلته هذه
فأرتبك عندما رأها ولكن سرعان ما ذهب ارتباكه وكأنه كان متوقع رؤيتها
فتبسم لها....
وكانت تنظر له في دهشة ووقعت عيناها على الوردة الجديدة والتي كانت (صفراء) هذه المرة
فزادها الامر اكثر من حيرة
وقبل المواجهة لتعلم من هو
توقفت... وشرد ذهنها عندما دققت في ملامحه
كأنها رأته من قبل
فتحاورت مع نفسها
اها كأنني اعرف هذه الملامح من قبل
كأنني رأيتها ذات يوم
انه .....هو...نعم هو (احمد)
انه جار لنا منذ الطفولة اتذكره جيدا ...ملامحه لم تتغير كثيراً
فسرح بها الخيال للوراء وتذكرت مواقف الطفولة معه ،ولم يغب عن ذاكرتها
عندما جاء صديق له وشد ضفائرها فأخذ يضربه ضرباً مُبرحا حتى بكى بكاءً شديداً
فلم تنسى له هذا الموقف البطولي الذي زاد من غلاوته بداخلها ، ولكن بعدها سافر مع والده الى الخارج ولم يظهر منذ ذاك الحين .
وهنا ...
بصوت مرتفع بعض الشئ
افاقها من شرودها
وقال لها ايييه!! رحتي فين ؟ !
فأبتسمت وقالت :هل انت احمد...؟
قال : نعم انا
ضحكت وقالت: ولما فعلت بي كل هذا ! كدت اُجن حقاً
فتبسم وقال: لاني اعلم عشقك للزهور فـوددت ان تكون بداية كلامنا باللغة التي تعشقينها
فقالت له: وما معنى تنوع الوانك لها؟
ضحك وقال : (البيضاء) احببت ان ارسل لكِ عبارة واحدة انكِ انقى من عرفت فلم يرحل خيالك عن بالي يوماً
بضحكتك الصافية البيضاء
.. مثل نقاء هذه الزهرة
وبعد ان سيطر عليها الخجل والحياء
قالت:
والحمراء؟
قال: بعد ما اشتد شوقي وحبي لكِ الذي كان يلازمني طوال سنوات البعد والغربة لم اجد ما يعبر عنه غير اللون الاحمر
فتبسمت وصبغ الحياء وجنتيها
وقالت : اممممم والصفراء؟
فقال: عندما كنت اراكِ من بعيد كنت متلهف لان اتحدث معكِ واتقرب منكِ ، ولكن كان هناك من يقترب منكِ
فكنت اغار من كل الاشياء حولكِ وتمنيت لو كنت مكانهم ألمسكِ .. استنشق انفاسكِ ، كنت اغار من الهواء الذي يداعب خصلات شعركِ ....
والان...
هل وصلت رسالتي إليكِ التي كتبتها بمختلف ألوان الزهور؟
صمتت طويلاً ...
وبعد تنهيدةٍ عميقة ابتسمت وتراجعت للخلف واغلقت نافذة الشباك
كأنها كانت في حلم وردي رأت فيه فارس احلامها الذي تغيب عنها لفترة
ثم عاد في لهفة متشوق لحبها الجارف وعشقها المجنون
شغل تفكيرها وجعلها مثل الفراشة تطير من فرط سعادتها واقتحام قلبها لأول مرة
وربما كان عشق يسكن داخلها مسجون لم يتحرر الا مع عودته
لم يمر كثيرا من الوقت وجاء اليوم الذي تنتظره وتخشاه يوم ميلادها..
ولكن الامر هنا اختلف وحدث مالم تتوقعه
و إذا بها تسمع صوت طرقات على الباب فتسرع لفتحه
وكانت المفاجأة!!!
احمد يقف امامها وفي يديه باقة من اروع الزهورمختلفة الالوان ،تبسمت له في فرحة غامرة ملأت قلبها
فقال لها قبل ان تستفيق من ذهولها
(هل تقبلين الزواج مني) ..؟
لم تجب .. فقط هزت رأسها بالقبول
وكان يوم ميلادها يحمل اجمل الزهور واجمل حدث بحياتها.
منقول