بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استخدام الرياضيات كلغة
الرياضيـات كلـغة
ليانا جابر
ملخص:
تحاول هذه المقالة أن تبين أن الرياضيات يمكن أن تعتبر كلغة، كما تقدم إطاراً لفهم الممارسات اللغوية في الرياضيات المدرسية. وتعتبر هذه المقالة الرياضيات ممارسة اجتماعية يستعمل فيها كل من المعلم والمتعلم اللغة كمصدر لبناء معانٍ رياضية، وتقترح أساليب عدة يمكن من خلالها تفعيل اللغة من أجل تحقيق تعلم أفضل للرياضيات.
ليس من المألوف أن نضع اللغة والرياضيات في خانة واحدة، فنحن ننظر إلى اللغة على أنها فرع من الآداب، وإلى الرياضيات على أنها فرع من العلوم، وضمن هذا التصنيف يتم التعامل مع كل منهما تبعاً لخصائصه، بشكل منفصل، كل في مجاله.
ولكن، ثمة صوتاً يقول أن الرياضيات يمكن أن تعتبر كلغة، وبالطريقة نفسها التي تعتبر بها الإنجليزية، والعربية، واليابانية، وغيرها ... لغات، وأن الرياضيات كأية لغة حديثة تأخذ أشكالاً عدة؛ كتابية، وشفهية، أو رسمية وغير رسمية (عامية)، وهي - كأي لغة أخرى - لها خصائصها التي تنفرد بها وتميزها عن غيرها من اللغات، كما يعتبر التواصل واحداً من أهم أهدافها (Usiskin, 1992).
اللغة والتواصل:
إن الأهمية في المقاربة بين اللغة والرياضيات ومحاولة المزاوجة بينهما في بعض الجوانب، أعطى الرياضيات نوعاً من القوة، لما للغة من دور مهم في تنمية مهارة التواصل في تعليم الرياضيات، التي تلعب دوراً مهماً في تنمية الثقافة الرياضية عند المتعلم.[1]
تلعب لغة الرياضيات، بأشكالها المختلفة، دوراً حيويا في التواصل الرياضي، فهناك اللغة المحكية الشفهية التي تنمي التواصل من خلال الحوار والنقاش أثناء تعلم وتعليم الرياضيات، وكذلك اللغة المكتوبة، بما تحتوي على مصطلحات ورموز وتعابير رياضية، واللغة المصورة، التي تشمل التمثيلات البيانية والرسومات الرياضية على اختلاف أنواعها، وغيرها من التعابير بالأشكال المتنوعة ...، واللغة الممثلة كالدراما مثلاً. وتتم عملية التواصل الرياضي على مستويات عدة؛ بين الطالب والمعلم، أو بين الطلاب فيما بينهم، أو بين الطالب والمجتمع، وغير ذلك من الأطراف التي يمكن أن تكون ضمن دائرة التعلم.
كما يمكن استخدام اللغة الأم عند الطالب لتخدم غرض التواصل، كأن يقوم الطالب بكتابة السجلات والتأملات (journals and reflections)، في مراحل متنوعة من عملية تعلمه لموضوع رياضي، وبهذه الطريقة يكون قد عبر عن نفسه وتواصل مع الآخرين.
لغة الرياضيات بأشكال مختلفة:
لكل لغة، بشكل عام، مجموعة من القواعد والمصطلحات، وفي الرياضيات تظهر هذه القواعد من خلال اللغة المحكية لعبارات مثل: 3+4س، 56.2-1/5 التي تسمى بالتعبيرات، والجمل مثل س=2 و3س+ ص < 50، كما يمكن تسمية =، ^ ، @ ، ... أفعالاً.
تتجه اللغات إلى التركيز على الجانب المحكي فيها (الشفهي) بالدرجة الأولى، ويعتبر الجانب الكتابي فيها أمراً ثانوياً. أما في الرياضيات، فالكتابة ليست أمراً ثانوياً، إذ أننا نفضل الكتابة على الكلام، لأننا نشعر أن الكتابة تعبر عن الأفكار الرياضية بشكل أكثر دقة وأقل عرضة لسوء التفسير. إن التوجه إلى الجانب الكتابي أكثر من الشفهي، يجعل البعض لا ينظر إلى الرياضيات كلغة مثل الفرنسية، والانجليزية، ... . ومن الاتجاهات الحديثة في تعليم الرياضيات، التركيز على الخطاب الشفهي والتواصل في تعليم وتعلم الرياضيات (NCTM, 1991)، وهو توجه حديث نسبياً، ويعيد النظر في طريقة تعليمنا للرياضيات.
يقول "جاليلو" إن لغة الرياضيات تتميز عن غيرها من اللغات بطريقتها في الاستنتاج، وقدرتها على حل كم كبير من المسائل، في حين يقول "يوسسكن" أن للرياضيات أوجه شبه مع اللغة أكثر من أوجه الاختلاف معها.
ويمكن النظر إلى الرياضيات على أنها لغة لأكثر من سبب، وفيما يلي تفصيل ذلك وتبريره:
الرياضيات كلغة مكتوبة:
كثيراً ما يقال إن الرياضيات لغة رمزية، ويمكن اعتبار الرموز المستعملة كالحروف في اللغات الأخرى، التي تكون في النهاية اللغة المكتوبة. واللغات تستعير رموزاً من بعضها البعض، فعلى سبيل المثال معظم الحروف الإنجليزية جاءت من اللاتينية، والرياضيات أيضاً تستعمل رموزاً لاتينية مثل ،q ، jفي الهندسة.
كذلك اللغات تستعير كلمات من غيرها من اللغات، وفي الرياضيات، أيضاً، تتم استعارة كلمات من لغات أخرى؛ فمثلاً ellipse, prabola, hyperbola جاءت من اليونانية، وalgorithm, algebra جاءت من العربية، وcircle , radius جاءت من اللاتينية. بعض اللغات استعارت من الرياضيات مصطلحات معينة، فمثلاً كلمة triangle بدأت كمفهوم رياضي، ثم تطورت لتعبر بالإنجليزية عن آلة موسيقية، أو عن علاقة بين ثلاثة أشخاص.
الرياضيات كلغة محكية (شفهية):
إن اللغة المحكية في الرياضيات تؤثر في قابلية تعلم الرياضيات، فإذا لم يعرف الطالب أن يقرأ الرياضيات بشكل جيد، فإنه سيواجه صعوبة في تدوين المادة عنده وتذكرها، إذ أن اللغة الشفهية ضرورية للذاكرة. مثلاً، الطالب الذي لا يستطيع أن يقرأ 3س+5=10 (ثلاثة سينات زائد 5 يساوي عشرة) سيواجه صعوبة كبيرة في فهم هذه الجملة.
أيضاً، التواصل الشفهي ضروري لفهم الرياضيات تماماً كما هو ضروري في أية لغة أخرى، وذلك من أجل معالجة المعلومة وربطها بأفكار أخرى.
الرياضيات كلغة مصورة:
يوجد شكل آخر للغة، وهو شكل اللغة المصورة، وفي بعض اللغات تكون اللغة المكتوبة هي لغة مصورة، فلغة الموسيقى المكتوبة هي لغة مصورة، وكذلك الأمر في اللغات المصرية القديمة.
وكذلك للغة الرياضيات شكل آخر، وهي أنها مصورة وذات تمثيلات مختلفة، ويظهر ذلك واضحاً في الهندسة التحليلية والعلاقات والاقترانات وأشكال فن، والقطاعات الدائرية...، كما أن استعمال الكمبيوتر في الرياضيات أغنى هذا النوع من اللغة. ويمكن أن نضيف إلى هذا الجانب جميع المواد التعليمية المساعدة مثل مكعبات دينيز، والشبكات المساميرية،.. . وكأي لغة أخرى، يجب أن نتدرب على هذا الجانب من اللغة لنتمكن منه.
الرياضيات كلغة أجنبية:
من أبرز الأسباب التي تجعلنا نعتبر الرياضيات لغة أجنبية هو تدريس معظمها في المدرسة وعدم استعمالها في البيت، وبالطبع فإن تعلم اللغة الأجنبية أصعب بكثير من اللغة الأم.
ويرى الكثيرون أنه إذا تأخر تعلم اللغة إلى سن معين، يصبح هناك محددات أكثر تعيق المتعلم عن تعلم اللغة. وبالمثل، فنحن بتأخيرنا لتعلم بعض المفاهيم الرياضية في المدرسة قد نخسر قدرة الطلاب على تعلم هذه المفاهيم.
الرياضيات كلغة ميتة:
لا أحد يقول إن الرياضيات لغة ميتة، فهي اليوم حية في العالم كله أكثر من أي وقت مضى، ولكن الجدل حول الرياضيات التي تعلم في المدارس وتعامل وكأنها لاتينية أكثر من كونها لغة حية. وعندما يوجه المتعلم سؤالاً بعد مادة رياضية تعلمها "لما تعلمتها؟ ما نفعها؟"، فهذا يضع علامة سؤال فيما إذا علمناها وكأنها ميتة.
إن استعمال الآلات الحاسبة جعل العمليات الحسابية المعقدة كالقسمة الطويلة ميتة، كما أن تعليم الموضوع الرياضي دون ربطه بحياة الطالب يجعله رياضيات ميتة. وفهم اللغة الميتة أصعب من فهم اللغة الأجنبية، لأنها تفتقر إلى الحدث الحي.
الرياضيات كلغة لا معنى لها:
إن جزءاً كبيراً من الرياضيات، أكثر مما نتصور، يتم تعليمه بدون معنى. عندما يطلب من الطلاب أن يحفظوا جداول الضرب قبل أن يكون لديهم معرفة بمعنى الضرب واستعمالاته المختلفة، فإن ذلك بالنسبة لنا له معنى، ولكن بالنسبة لهم لا معنى له، فالطالب عندما يحفظ جداول الضرب بهذه الطريقة يعرف أن 7×9=63، ولكنه لا يربط 7×9 لـ 6×9 أو لموقف عملي، وبالتالي فإن حقائق الضرب تكون ليست ذات معنى، وكذلك عندما يقوم الطالب بضرب (3+4س) (2+س)، وليس عنده طريقة لفحص صحة الجواب، يختفي معنى ما يتعلمه.
وتعلم لغة بدون معنى يعد أصعب من تعلم اللغات الأخرى حتى اللغات الميتة منها، لأنها في هذه الحالة تكون بدون سياق أو تداول.
الرياضيات كلغة مجردة:
فسر البعض تعليم الرياضيات بدون سياق بسبب طبيعتها التجريدية. ولكن من خلال معرفتنا بلغات أخرى، يمكننا إدراك أن التجريد بحد ذاته لا يكون سبباً بالضرورة للصعوبة في التعلم، فمثلاً الأمانة، القوة أمور مجردة، ولكن يستطيع الطفل بسن مبكرة أن يتعلمها. والمشكلة في الرياضيات أن يتم تعليم التجريدات الرياضية بدون تعليم الدقائق التي أدت إلى هذا التجريد، فعلى سبيل المثال، لا يتم تعليم الأمانة بدون استعمال أمثلة، ولا أمثلة عليها.
الرياضيات كاللغة الأم:
إن الطفل يتعلم اللغة من الأسرة بحسب الطريقة التي تتحدث فيها معه، فإذا تحدثنا معه حديث أطفال صغار، فسيتعلم أن هذه هي لغته، وإذا لم نستعمل جملاً كاملة، فإن الطفل لن يستعملها أيضاً، هذا لا يعني أننا يجب أن نتحدث معه لغة الكبار، لأنه لا يوجد لديه القدر الوافي من الكلمات ليفهم، ولكن إذا أردنا أن يتعلم لغة الكبار يجب أن نعوده قدر الإمكان على هذا الشكل من اللغة.
وبهذا المنطق، فإننا نقول إنه يجب إزالة الحواجز المصطنعة التي تمنع من مناقشة الكسور والأعداد السالبة في الصفوف المبكرة، والتي تبقي الجبر على الرف حتى المرحلة المتوسطة، والتي تتجنب التفاضل والتكامل في المراحل العليا من المدرسة عند البعض. إذ أنه بدون التعرض لهذه المواضيع وغيرها، لن يتم تعلم لغة الرياضيات بسرعة.
إن الطلاب يتعلمون القراءة بشكل أفضل عندما يقرأون القصص، وعندما يعطون مادة للقراءة التي تتعدى مستوى قراءتهم، وأيضاً في الرياضيات فإن الطلاب لا يتقدمون رياضياً إلا إذا تعرضوا لخبرات وتطبيقات تتعدى ما يعرفونه، وفرص لتطبيق الرياضيات بصورة ليست محددة بأعداد يجرون عليها عمليات حسابية بدون أخطاء.
ومن بين كل اللغات، تعتبر اللغة الأم لدى الفرد هي الأسهل للتعلم، وبالتالي فإن التعامل مع الرياضيات كلغة أصيلة وتوسيعها على نطاق عالمي، هو بمثابة نعمة لتعليم الرياضيات، لأن ذلك يعني أن كمية الرياضيات الحياتية التي يتم إعطاؤها للطالب خارج المدرسة ستكون أكبر، ولأن رياضيات أكثر ستكون جزءاً من مخزونه اللغوي. أيضاً، وعلى خلاف اللهجات المتعددة للغات، فإن لغة الرياضيات المكتوبة هي نفسها لأغلبية شعوب العالم، إن هذه القاعدة الواسعة للرياضيات تبشر بمستقبل يفهم فيه الفرد العالم ويتواصل فيه بشكل أسهل.
اللغة والتعلم في الرياضيات المدرسية:
مما سبق، نستطيع أن نقول إن الرياضيات يمكن أن تعتبر لغة لأسباب عدة، ومن جهة أخرى يمكن اعتبار الرياضيات ممارسة اجتماعية يستعمل فيها كلٌّ من المعلم والمتعلم اللغة كمصدر لبناء معانٍ رياضية. وتلعب الدلالات الاجتماعية والمعاني والسياقات الرياضية والحياتية دوراً مهماً في تعليم الرياضيات ضمن إطار لغوي (Chapman, 1993).
الدلالات الاجتماعية:
إن مصطلح "الدلالة الاجتماعية" (social semiotics) يركز على التفاعل الاجتماعي، وعلى الطريقة التي يقوم بها الناس ببناء أنظمة من المعاني. إن الدلالة الاجتماعية تصور "المعاني" كعملية نشطة، تتولد من خلال التفاعل الاجتماعي. ويؤكد هذا المصطلح أن المعاني يتم صنعها، وأنها لا توجد كأشياء أو حقائق محسوسة، إلا من خلال نظام من الإشارات.
يشير الكثيرون إلى أن الرياضيات تعتبر نظاماً ذا دلالات، ومن الواضح أنه نظام من الإشارات والرموز التي يمكن للناس أن تعطيها معاني مختلفة في السياقات المختلفة.
اللغة والرياضيات:
يوجد الكثير من المصطلحات اللغوية التي تم استخدامها في الرياضيات مثل عرف، نتيجة، عملية، علاقة، تبسيط، يتزايد، يتناقص، ثابت، وغيرها الكثير ... وهي مصطلحات لغوية شائعة، ولكن لا يمكن النظر للغة الرياضيات كمجموعة من المصطلحات التي نحصرها ونعرفها، وإنما يجب أن نعرف العلاقات والمعاني بين هذه المصطلحات بدرجة إتقان جيدة، وعلاقتها بالحياة اليومية والمنفعة العملية.
كما تتضمن اللغة في الرياضيات المدرسية نوعين؛ الرياضيات المحكية والرياضيات المكتوبة، اللتين يكثر فيهما استخدام الرموز والتعابير التخصصية.
المعنى والسياق:
يلعب السياق دوراً مهماً في إكساب المعنى: فالمقتطعات الثلاثة التالية:
مثال 1: المعلم: "حاولوا أن تعرفوا ماذا ستفعلون بهذه القصص؟ وما هي الأمور المشتركة بين هذه القصص؟ وما هي الاختلافات؟".
مثال 2: المعلم: "حسناً، تقدموا في الحل خطوة خطوة، تذكروا أن تسموا المحورين".
الطالب: "هل نعين جميع النقاط؟".
المعلم: "طبعاً، ولكن تسمية المحورين هو ما أبحث عنه".
مثال 3: المعلم: "حسناً، أكملوا هذه الخريطة، ثم سموا الحدود".
تعكس الوضع الذي حدثت فيه، وليس من الصعب أن يستنتج القارئ أن الأمثلة الثلاثة هي لثلاثة مواضيع مختلفة؛ إنجليزي، ورياضيات، وجغرافيا. والنقطة التي يجب إبرازها هنا هي أنه من أجل أن نفهم الممارسات اللغوية في الصف من الضروري أن نفحص الطريقة التي قيل فيها شيء ما بالإضافة إلى ما تم قوله.
إن الكلام داخل غرفة الصف يلعب دورين؛ دوراً تفاعلياً، ودور إعطاء المعنى، ومن أمثلة الدور التفاعلي مراجعة الوظائف، والحوار الذي يقوده المعلم، وسؤال المعلم وإجابة الطالب، وإعطاء أمثلة على اللوح، وحل مسائل حسابية بشكل شفهي. أما الدور الثاني؛ دور المعنى، فيربط المفاهيم والمواضيع مع بعضها ويوضح العلاقات بينهما، فعلى سبيل المثال إذا أخذنا موضوع الاقترانات الخطية، فإن تعريف الكتاب للمصطلح الخطي، والنقاش الصفي حول الموضوع، وإعطاء مثال على اللوح لتمثيل بياني لاقتران خطي تعمق معنى هذا المفهوم، كما أن انتقاء بعض المصطلحات اللغوية ذات العلاقة بالموضوع مثل كلمة خط، ونقطة، ونوصل، ... تساعد الطالب على تكوين المعنى.
إن التضمين التربوي الذي يمكن أن نخرج به هنا هو أن الفعل لا يمكن فصله عن المعنى والدور الاجتماعي التفاعلي الذي يلعبه، ومن أجل فهم دور اللغة في تعلم الرياضيات يجب أن نعرف الدور الذي تلعبه اللغة في تفعيل الأنشطة (التفاعل) وتطوير محتوى الدرس (المعنى). كما أن طريقة الكلام التي تناسب موضوع محدد تتطور كجزء من ممارسات اجتماعية في التفاعل الصفي، فالطلاب لا يأتون إلى صف الرياضيات مسلحين بمعرفة كيف يتحدثون رياضياً، وإنما يتعلمون اللغة وهم يتعلمون الرياضيات.
الممارسات اللغوية في الرياضيات المدرسية:
تشير بعض الدراسات إلى أن الممارسات اللغوية في الصف لها دور في توليد معانٍ رياضية. إن هذه الممارسات اللغوية خليط مما يمكن تسميته لغة "أقل رياضياً" و"أكثر رياضياً"، إن التحول من الأقل إلى الأكثر رياضياً هو الذي يحدث المعاني الرياضية، بمعنى آخر، فإن تعلم الرياضيات يتطلب هذه النقلة.
مما سبق نستنتج أن اللغة ضرورية جداً في تعلم الرياضيات، لذلك يجب أن نهتم بأن تكون اللغة المستعملة واضحة، لتمكن المتعلم من بناء المعاني الرياضية، مع الاهتمام بالسياق الاجتماعي للموضوع الرياضي.
دور القراءة في تنمية الثقافة الرياضية:
ترتبط القراءة باللغة، وتلعب القراءة دوراً فاعلاً في رفع مستوى الثقافة الرياضية لدى المتعلم (Ciancone, 1996)، ومن أثر القراءة على العمليات الرياضية والمهارات، أنها توفر سياقاً ودافعية لطالب الرياضيات، كما توفر بيئة مشتركة بين الطلاب لتطبيق مهارات رياضية، وسياقات ممتعة للطلاب ليكتشفوها، بشكل فردي أو في مجموعات.
ومن المجالات الممكن التركيز عليها عند استخدام القراءة في تعليم الرياضيات:
طرح أسئلة في الرياضيات، وترتيب أحداث قصة، والبحث عن معلومات إضافية يرغب الطالب في معرفتها عن الموضوع،وبناء خرائط ورسومات لتوضيح التفاصيل،والتنبؤ ووضع الفرضيات، والتحقق من الصدق من خلال استعمال البيانات لدعم وجهة نظر معينة.
توظيف لغة الطالب في تعلم الرياضيات:
تشكل اللغة الأم عند الطالب جانباً حيوياً من حياته، وأداة فعالة للتواصل، ونحن بدورنا يجب أن نحاول تفعيل الجانب اللغوي عند الطالب لتعلم الرياضيات، مثل طرح المشكلات[2] وحل المشكلات، وتوظيف السرد والقص في تعلم الرياضيات، وكتابة السجلات، والحوار والنقاش. إن هذا الموضوع يجب أن يلقى الاهتمام الكافي منذ سنوات الطالب الأولى في المدرسة.
إجمال:
تناولت المقالة اللغة والرياضيات من جانبين؛ ركز الجانب الأول على أن لغة الرياضيات تأتي بأشكال مختلفة؛ محكية، مصورة، مكتوبة،... وهي تشبه اللغة بطرق مختلفة. أما الجانب الثاني، فتناول كيفية توظيف اللغة عند الطالب لتخدم أهداف تعلم الرياضيات، ومن أبرزها التواصل وإحداث تعلم عند الطالب. مما سبق، نلاحظ العلاقة الوثيقة التي تربط الرياضيات باللغة، وأهمية اللغة في تعلم الرياضيات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع:
· Chapman, A., (1993). Language and Learning in School Mathematics: A Social Semiotic Perspective. Issues in Educational research, 3(1), 35-46.
· Ciancone, T. (1996). Numeracy in the Adult ESL Classroom. National Clearinghouse for ESL Literacy Education, Washington ,DC. (Ed 392 316).
· Usiskin, Z. "Mathematics as a Language." In Communication in Mathematics, k-12 and beyond. 1996 Yearbook of the National Council of Teachers of Mathematics, edited by Portia, C. Elliot, pp.231-243. Reston, va.: National council of Teachers of Mathematics, 1992.
ليانا جابر - باحثة في مركز القطان
منقول