التنويم المغناطيسي بين الحقيقة والخيال
انجيل فايز
كثير منا رأى ذلك الشخص الذي يدعي أن دماغه يصدر إشعاعات كهرومغناطيسية و أنه يستطيع تنويم أي شخص يقف أمامه، و يقف أمام الجمهور يسألهم عن متطوعين فيتطوع بعض الأشخاص ليقفوا بين يديه و من ثم يتمتم ببعض الكلمات و يطلب منهم تنفيذ بعض الحركات و يحرك يده موهماً إياهم بأنه يوجه إشعاعاته نحوهم, فينام التمطوعون (غناطيسياً )؛ و تظهر المفاجأة الكبرى حين يقول " آه، الآن أستطيع التحكم بهم", و من ثم يمسك بيد حد المتطوعين و يأمره بالقيام بحركات معينة فيقوم المتطوع بتنفيذها حرفياً و دون تردد و هو في حالة نوم! و بعد انتهاء العرض تتبادر إلى أذهاننا التساؤلات و الإستنتاجات: فالبعض قد يذعن بأن هذا الشخص لديه قدرات و إشعاعات مغناطيسية و الآخر قد يكذب الأمر برمته و يقول إن هؤلاء المتطوعين ما هم إلا شركاء له في العرض .
لتفسير هذه الظاهرة قام العلماء بتقسيم العقل من أجل توضيح الفكرة إلى قسمين:
العقل الداخلي و العقل الخارجي:
العقل الداخلي هو منشأ الأفكار الخيالية، أي أنك مثلاً تفكر بأنك تستطيع الطيران أو تستطيع اختراق الجدران، بينما العقل الخارجي يعمل عمل الـ (( فلتر )) للأفكار الناشئة عن العقل الداخلي، فيرد على العقل الداخلي قائلاً: دعك من أفكارك الغبية! و لكن العقل الخارجي يمر أحياناً بأوقات راحة فيأخذ العقل الداخلي فرصته و يبدأ بطرح أفكاره الخيالية عليك، و الوقت الذي يتوقف فيه العقل الخارجي عن العمل هو وقت النوم، و الدليل على ذلك هو عندما تحلم، فلعلك أثناء الحلم تجد نفسك محلقاً فوق المريخ بدون أجنحة و فجأه تقابل مخلوقاً فضائياً , و الغريب في الأمر أنك أثناء الحلم تصدق الأحداث الواقعة فعلاً و تجزم بأن هذه حقيقة، و لكن عندما تصحى من النوم يبدأ العقل الخارجي في العمل ليخبرك أن مارأيته لا يتعدى حدود الأحلام.
الآن و بعد أن اتضحت لك هذه النقاط، سأحدثكم عن قصة الشخص الذي ينوم مغناطيسياً , المنوم المغناطيسي: هو إنسان عادي لا يمتلك أية مقدرات أو اشعاعات دماغية كما قد يدعي، و لكن كيف يقوم بتنويم الأشخاص مغناطيسياً؟؟ إن أسلوب الإقناع هو الذي يتبعه المنوم ليثبت لك بأنه يستطيع تنويمك، فهو يقوم بتحديث عقلك الداخلي صاحب الأفكار الخيالية و يقول له بأسلوب مقنع جداً بأنه يستطيع تنويمك و يحاول حشد جميع الكلمات الممكنة ليثبت لك ذلك وطبعاً مؤثرات الصوت و حركة يده تلعبان دوراً مهماً، و هنا يصبح تفكيرك بين خيارين: إما أن تصدقه أو لا تفعل، فإن صدقته تقع في شباكه و يتوقف العقل الخارجي عن العمل و تنام مغناطيسياً، و بما أنك صدقته فإنك أجزمت بأنه يستطيع التحكم بك، لذا فإنك بعد أن تنام تفعل كل ما يأمرك به.
هنالك بعض النقاط التي أريد توضيحها كذلك، أولاهما أن المنوم سوف لن يستطيع تنويمك إذا لم تقتنع بكلامه أو لم تلق له بالاً، و ثانيهما هي أنك سوف لن تنفذ أوامره في الأشياء التي يستحيل عليك عملها أثناء حياتك الاعتيادية , مثلاً إذا طلب منك الانتحار و أنت في حالة النوم المغناطيسي فسوف لن تفعل ذلك، إلا في حال أنه جاء بك على سطح عمارة مثلاً , و أنت منوم مغناطيسياً ,و أخبرك بأنك تقف على طاولة و طلب منك القفز فستقفز دون تردد!!
إن التأثير الذي قام به المنوم لا يختلف كثيراً عن تأثير الفيلم فيك، فالفيلم استطاع أن يثبت لك بأن ماتراه حقيقة مع أنه خيال، و المنوم المغناطيسي استطاع أن يثبت لك بأنه يستطيع تنويمك فنمت.. و هذا هو (( النوم المغناطيسي الكلي )). وقس على ذلك أي حالة يذهب فيها اهتمامك نحو شيء معين: فأنت عندما تدرس، تتحدث باندماج، تسمع الأخبار، تشاهد التلفاز، تجلس أمام شاشة الكمبيوتر؛ كل هذا فإنك تكون نائماً مغناطيسياً، و هذا يعتمد على مدى انجذابك إلى هذه الأشياء.